الاثنين، 25 يناير 2016

فَعِظوهُنَّ وَاهْجُروهُنَّ في الْمَضاجِعِ وَاضْرِبوهُنَّ

هناك الكثير من الأمور والإشكاليات الجدلية التي لا نخوض فيها، ولا نحاول البحث عن حقيقتها وبيان معناها وأسبابها وعلاتها، خشية الوقوع في بعض المخالفات؛ نتيجة لالتباس الأمر علينا، وهو ما أعتبره نتيجة للفهم القاصر والمعرفة السطحية بتلك الأمور، ما يجعلنا مضطرين للرجوع لآراء العلماء في تلك الأمور كونهم أعلم منا بشكل مطلق، وهو ما ينافي الأوامر الإلهية بضرورة التفكير والتدبر والتأمل وإعمال العقل، ففهم الدين ليس حكرا على أحد، ولا يحق لأحد أن يزعم لنفسه قدرة منفصلة في فهم نصوص الدين وتأويلها، بحيث يكون مرجعا لعامة البشر بحجة فهمهم القاصر، كلا ثم كلا، فالقرآن الكريم عندما أنزل، تُرك تفسيره -اجتهادا- لبشر مثلنا، وما يميزهم فقط هو أنهم بحثوا في الأمور المختلفة وبذلوا جهدا كبيرا لا يحق لأحد أن ينكره عليهم، في حين أننا أصبحنا لا نعتمد على عقولنا التي لم يخلقها الله لنا هباء، ولذلك أصبحنا دائما نعتمد على التلقين، وعلى من نظن أنهم أعلم منا نتيجة للابتعاد عن القراءة والعلم والمعرفة، حتى وإن كانت متعلقة بالأمور الفقهية، وطالما أن القائم بهذا العمل بشر، فهو يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ، والنقاش فيه لا يُخرج من الملة كما يدعي البعض، فلا قدسية إلا لله تعالى، والعصمة لا تكون إلا لنبي، أما الباقون فهم بشر مثلنا، يصيبون ويخطئون، ومثلما قاموا هم بالتفكير والتعلم والبحث، نحن أيضا مطالبون بذلك، مطالبون باستخدام العقل لا النقل، فالعقل يثبت النقل وليس العكس. أعتذر لكم عن هذه المقدمة الطويلة، فصحيح أنها ليست محور حديثي، ولكني أراها ضرورية للتمهيد إلى ما أود طرحه عليكم، تاركا لكم المجال للتحقق من صحة ما أقول، حيث أطالبكم بعدم الاعتماد عليه اعتمادا مطلقا والتسليم به، بل هو مطروح لتفكروا فيه جيدا قبل تقبله أو رفضه.

إن النصوص القرآنية، لا يجب أن تنتزع من أبعادها المختلفة، اللغوية والزمنية والتاريخية...، وأسباب نزولها، وعلاتها، فيما عدا الأوامر الصريحة التي لا تحتمل معنى آخر غير التي جاءت به، وسأضرب لكم بعض الأمثلة على ذلك:

"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا" (النساء 23).

"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(5)". (المائدة 3، 4، 5)

"...وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا..." (البقرة 276)

"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ". (آل عمران 103)

"فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا". (النساء 103)

كل تلك الأمثلة السابقة –على سبيل المثال لا الحصر- لا يُعتقد أن فيها أي التباس، ولا يصعب على قارئ القرآن الكريم أن يفهم المقصود منها، فقد نزلت واضحة وصريحة ومباشرة، لا تورية فيها، وهنا، يأتي دور اللغة العربية في القرآن، فالقرآن الكريم كتاب معجز، معجز في تشبيهاته ولغته وبلاغته، فلا يصح أن تؤخذ كلماته بمعنىً حرفي فقط دون الرجوع إلى قواميس اللغة العربية، للبحث عن الكلمة ومشتقاتها ومعانيها المختلفة، حتى نصل إلى المعنى المراد من خلال سياق الآيات الكريمة، بما لا يتعارض أبدا مع العقل والمنطق، اللذين أمرنا الله تعالى أن نستخدمهما في أكثر من موضع في القرآن الكريم، "أفلا يتدبرون"، "أفلا تتفكرون"... إلخ.

مما سبق، نأتي مباشرة إلى الموضوع المنشود، وهو ما يتعلق بالآية الرابعة والثلاثين من سورة النساء، يقول الله عز وجل: "وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا". (النساء 34).

معظم الأئمة والعلماء والمختصين بعلم التفسير، قد اجتهدوا كثيرا ليصلوا إلى أن معنى الضرب هنا هو الضرب غير المبرح، وبعضهم يقول إنه الضرب بالسواك، وقد جاء ذلك في صحيح مسلم، وعند ابن كثير، وأبي داوود، والحسن البصري، والنسائي، والطبري، وغيرهم من علماء المذهب السني، وأيضا عند بعض علماء وأئمة المذهب الشيعي، فقد جاء تفسيرهم ليتفق مع هذا التفسير، كالإمام الصَّنْعانيّ، ولكن، أرجو أن يتسمع صدركم لتقبل هذه الفكرة المختلفة بعض الشيء، أنهم ربما قد أغفلوا البعد اللغوي لمعنى كلمة الضرب، فالكلمات والمصطلحات عند العرب وقت أن نزل القرآن ليتحداهم بلغتهم، لم تكن قاصرة على معانٍ حرفية فقط، وإنما قد يحتمل مصطلح واحد أو كلمة واحدة أكثر من معنى، ولكن اسمحوا لي قبل سرد ذلك أن أذكركم أن الله تعالى هو الرحمن، والرحيم، واللطيف، والرؤوف، وهذه مجرد تذكرة سأستغلها لأربط بينها وبين ما سبق، وبين ما سيأتي لاحقا، واستنادا إلى رحمة الله تعالى، فقد قال عز وجل في كتابه الكريم: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ". (الروم 21). 

من ذلك نجد أن الضرب بمعناه الذي يعني التعرض الجسدي، يتعارض مع منطق المودة والرحمة بين الزوجين، وهذا تؤكده سلوكيات الأزواج في هذه الأيام، والتي تتنافى تماما مع ما سبق، حيث نرى أنهم يصلون إلى حد الركل والجلد لزوجاتهن، متخذين من كلمة "واضربوهن" حجة لهم، لكن الأمر غير ذلك تماما، سواءٌ بالمقارنة مع تفسير العلماء بأنه الضرب غير المبرح، أو مع ما يلي، وهو معنى كلمة الضرب ومشتقاتها في اللغة، بالمقارنة مع مواضع ورودها في القرآن الكريم. وردت كلمة ضرب في أكثر من خمسين موضعا في القرآن الكريم، نستعرض بعضها ليسهل علينا بعذ ذلك بيان معنى الضرب في الآية موضوع الحديث:

"لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ". (الحشر 21).

"وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا". (الكهف 45).

في الآيتين السابقتين، نجد أن كلمة الضرب قد جاءت بمعنى ذكر الأمثال أو الأمثلة، وأعتقد أن هذا الأمر واضح.

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا". (النساء 101). في هذه الآية، جاءت كلمة الضرب بمعنى السفر.

"ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ". (آل عمران 112). وهنا، جاءت كلمة الضرب بمعنى الاقتراب والإلصاق، ضربت عليهم الذلة، أي أُلصقت بهم الذلة وأصبحوا ذليلين.

"... وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ...". (النور 31). في هذا الموضع، جاءت كلمة الضرب بمعنى وضع حاجز، أو الستر، أي ستر وحجب وتغطية منطقة الجيب عند المرأة، وهي منطقة التقاء النهدين (الثديين).

"...فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا...". (الكهف 11). والمعنى هنا هو عدم قدرتهم على السمع.

"يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ". (الحديد 13)

"فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ". (الشعراء 63).

وفي الآتين السابقتين، معنى الضرب هو المباعدة، أي إبعاد شيء عن شيء آخر.

"أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ". (الرعد 17). وهنا جاءت كلمة الضرب بمعنى الفصل والتفريق، أي الفصل بين الحق والباطل والمباعدة بينهما.

هذه بعض الأمثلة التي ذكرت على سبيل المثال لا الحصر، لبيان المعاني المختلفة لكلمة الضرب ومشتقاتها، وكيف أن الكلمة يختلف معناها باختلاف سياق استخدامها، وهذا الأمر خاص بالقرآن الكريم المعجز في لغته وبلاغته، وعليه، فدعونا الآن نأتي إلى آيتنا التي نحن بصددها، وقبل شرح كلمة الضرب في "واضربوهن"، دعوني أستنتج شيئا مما قبل الضرب، أستخلصه من "واهجروهن في المضاجع"، فالهجر في المضاجع يكون بالامتناع عن الزوجة داخل المسكن، بما يسوقني لأن أستنتج أن هناك امتناع خارج المسكن، ليكون هذا هو المعنى في كلمة "واضربوهن"، والتي جاءت بمعنى الإعراض أو الابتعاد والمفارقة، وليس التعرض الجسدي لها، وهذا الأمر قد يكون الأقرب للمودة والرحمة في العلاقة الزوجية، والأقرب للعقل والمنطق في أن الله تعالى لا يرضيه أبدا تعرض الأزواج لزوجاتهم جسديا من خلال الضرب، وإن كان هذا هو المقصود، فلماذا لم تُذكر كيفية الضرب؟ وهنا لا يسعني إلا أن أقول بأن الله تعالى لا يقصد أبدا أن يضعنا في حيرة من أمرنا، فقد أنزل القرآن يسيرا لنفهمه ونتدبر معانيه، وهذا الأمر ليس قاصرا على الفقهاء فقط، وإنما للعامة أيضا، قال تعالى: " وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ". (القمر 17، 22،32، 40)، وهنا نجد أن هذه الآية قد وردت في أربعة مواضع، للتأكيد على أهمية -بل وضرورة- التدبر في القرآن وفهم معانيه العميقة فهما صحيحا مجردا من الأهواء. وفيما يتعلق بالسؤال السابق عن سبب عدم ذكر كيفية الضرب إن كان المقصود به الضرب الجسدي، فإن البعض قد يتمسك -كما أسلفت- بأنه الضرب غير المبرح، إلا أن تفاوت القوة الجسدية والعضلية بين الرجل والمرأة، تجعل هذا الأمر نسبيا، يضع احتمالات لوقوع أذى جسدي للمرأة، في الوقت الذي يظن الرجل أنه لم يَقْسُ عليها بضربه لها، وفي المقابل، دعوني أسأل سؤالا مشروعا، ترى ماذا تفعل الزوجة إذا أغضبها زوجها؟ أتضربه هي أيضا؟ في اعتقادي أن الأمر هنا يتحول إلى معركة، البقاء فيها للأقوى، وهو ما يتعارض مع قوله عز وجل: "...وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...". ( النساء 19).

حتى لا يظل الأمر في نطاق القرآن الكريم فقط، لبعض الذين لا يحبون الفصل بينه وبين الحديث، فدعونا ننتقل الآن إلى الأحاديث، فإنه وعلى الرغم من ورود بعض الأحاديث التي رأيتها بنفسي، مؤكدا على عدم معرفتي بعلم الحديث ومدى صحتها من عدم صحتها، والتي يُذكَر فيها -حسب ناقل الحديث- قيام الرسول عليه الصلاة والسلام بذكر الضرب الغير مبرح لفظا، إلا أن هناك أحاديث أخرى لا أدري لماذا أغفلها البعض، وآثر جانبا دون الآخر، وكأنهم استحسنوا مسألة ضرب المرأة جسديا، ولكن، دعوني أسرد لكم بعض تلك الأحاديث: 

"عن عبد الله بن زمعة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم. رواه البخاري"، "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقا رضي منها آخر. رواه أبو مسلم"، وفي تفسير الحديث السابق فقد قال الحافظ النووي رحمه الله: أي أنه لا ينبغي أن يبغضها لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة وجميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك... شرح صحيح مسلم.

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا. رواه البخاري ومسلم". 

هذه الأحاديث وغيرها، تعد مثالا لحسن معاملة الأزواج لزوجاتهم، واستقباح التعرض لهن جسديا بالأذى وإن كان ضربا غير مبرح كما ورد في بعض التفسيرات كما أسلفت، أما من أراد أن أن يصفع زوجته ويلطمها ويضربها جسديا، فعليه وحده أن يتحمل مسؤولية ذلك وتبعاته، فالأمر هنا يتعلق بردة فعل الزوجة، أو أهلها، أو عشيرتها، أو كيفما كان العُرف المتبع وفقا لكل بيئة وقوانينها، فعلى الأقل، أستقبح هذا بشكل شخصي، وأستنكر على نفسي أن أقوم بذلك.

في النهاية، دعوني أذكركم بأن هذه المسألة تعد من الأمور الجدلية، وأن هذا النص، وغيره من النصوص المتعلقة بتفسيرات تتفق وتختلف مع ما كتبت، كلها تحتمل الصواب، وتحتمل الخطأ، فليس هناك صواب مطلق ولو كان لأعتى المتفقهين العالِمين، وليس هناك خطأ مطلق ولو كان لأجهل الجاهلين، فالأول قد يخطئ ولو مرة، والثاني قد يصيب ولو مرة، ولكن فقط قوموا بالبحث، ولا تعتمدوا على التلقين، ولا تقوموا باجتثاث الأمور من أبعادها ومضامينها وعلاتها المختلفة، وقارنوا بين هذا وذاك، واستخدموا عقولكم، بالاتساق مع الفطرة السليمة التي خلقنا الله سبحانه وتعالى عليها، ولا تأخذوا عني دون بحث، فلعلي أكون مخطئا، وأحسب نفسي على صواب إن شاء الله، سائلا الله عز وجل أن يجعل لنا من أمرنا رشدا. رزقني الله وإياكم الزوجة الصالحة. وبالتجرد من كل ما ذُكر، أختم حديثي إليكم بنصيحة أنصح بها نفسي أولا: أحسنوا معاملة أزواجكم، وحاذروا ضربهن وإيذاءهن، فلا معنى للحياة بدونهن، وتذكروا أن الله تعالى من أسمائه العدل، والعدل لا يكون بالتمييز ضد المرأة، وما فيه من امتهان لها.

٢٨ أكتوبر ٢٠١٥
____________________________________
نشر هذا المقال في موقع "ورقة"، بتاريخ ٢٤ يناير ٢٠١٦.

رابط المقال: http://www.war2h.com/2016/01/236.html?m=1

الجمعة، 22 يناير 2016

العدد والمعدود - قواعد كتابة ونطق الأرقام والأعداد.

كثيرا ما تواجه البعض صعوبات عند كتابة ونطق الأعداد، ولتجاوز هذه الصعوبات، إليكم هذا الشرح المبسط عن العدد والمعدود، وأتمنى أن تكون فيه فائدة للجميع إن شاء الله.

أولا: العدد

يكون العدد:

مفردا، نحو: سبع - ثلاثة

مركبا، نحو: أحد عشر - ثلاث عشرة

معطوفا، نحو: أربعة وعشرون - خمس وستون

العدد "١" والعدد "٢" يوافق كل منهما معدوده، كقولنا: أحد عشر كوكبا - اثنتا عشرة عينا - رجل واحد - امرأة واحدة - رجلان اثنان - امرأتان اثنتان.

الأعداد من الثلاثة إلى العشرة تخالف المعدود في كل حال، سواء كان ذلك في الإفراد أو التركيب أو العطف، فيقال: سبعة رجال - سبع فتيات - ثلاثة عشر رجلا - ثلاث عشرة فتاة - أربعة وعشرون رجلا - أربع وعشرون فتاة.

الأعداد الترتيبية توافق معدودها دائما، كقولنا: وصل المتسابق السابع عشر - وصلت المتسابقة السابعة عشرة، وكذا هو الحال فيما يتعلق بالأعداد المعطوفة والمفردة.

العدد "٨" له حالة خاصة، في حالة المعدود المذكر نقول: ثمانية وعشرون رجلا، أما في حالة المعدود المؤنث فللعدد "٨" حالتان:

في حالة الإضافة نقول: ثماني نساء - مررت بثماني نساء - رأيت ثماني نساء.

في حالة عدم الإضافة نقول: ثمانٍ من النساء أو سافر من النساء ثمانٍ - مررت بثمانٍ من النساء - رأيت من النساء ثمانيًا.

إذا كان العدد "٨" مركبا، استُعمِلَ على صورة واحدة، وهي (ثماني) نحو (ثماني عشرة)، وهذا في حالة التأنيث فقط.

ثانيا: المعدود

في حالة الأعداد من "٣" إلى "١٠"، يكون معدودها مجرورا، كقولنا: ثلاث رجالٍ - عشر فتياتٍ.

في حالة الأعداد من "١١" إلى "٩٩"، يكون معدودها مفردا منصوبا، كقولنا: أحد عشر كوكبا (بفتح الشين) - اثنتا عشرة عينا (بتسكين الشين) - خمسة وعشرون كتابا - تسع وتسعون فتاة.

في العدد (١٠)، يتم فتح الشين عندما يكون المعدود مذكرا، ويتم تسكين الشين عندما يكون المعدود مؤنثا، نحو:

عشَرة رجال.
عشْر نساء.

الأعداد: مئة، وألف، ومليون، ومليار...، أو الأعداد الكبيرة، ومثناها وجمعها، يكون معدودها مجرورا، كقولنا: مئة كتابٍ - مئتا كتابٍ - ثلاث مئة كتابٍ - ثلاثة آلاف كتابٍ، خمسة ملايين جنيهٍ، مليار نسمةٍ.

العدد المركب يكون منصوب الجزأين دائما، أما في باقي الحالات فيكون إعراب العدد حسب موقعه في الجملة.

كلمة "بضع":

بضع: هي كلمة تدل على عدد غير محدود، لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن تسعة، لذا فهي تعامل معاملة هذه الأعداد فيما يخص قاعدة "الأعداد المفردة"، وقاعدة "الأعداد المركبة"، وقاعدة "الأعداد المعطوفة"، السابق ذكرها، نحو:

للمعدود المذكر: بضعة كتبٍ.
                         بضعة عشر كتابًا.
                         بضعة وعشرون كتابًا.

للمعدود المؤنث: بضع سنواتٍ.
                          بضع عشرة سنةً.
                          بضع وعشرون سنةً.

إذا اشتمل المعدود على ذكور وإناث، روعي الأول، كقولنا: زارنا خمسة رجال ونساء - زارنا خمس نساء ورجال.

٣ أكتوبر ٢٠١٥

الخميس، 21 يناير 2016

"ما أنا بقارئ!!"

قصتي اليوم لها جذور تاريخية، ولست أسعى هنا إلى حصد معجبين بما أكتب، بقدر ما أحاول أن أفصح عن جانب أزعم أنه كان فيه من السلبية ما يجعلني اليوم في حيرة شديدة من أمري، عاجزا عن التدبر والتفكر، غير قادر على الإلمام بأمور عدة، ولن أعمد أبدا في هذه المرة إلى الاستشهاد ببعض الآيات والأحاديث التي تحض على السعي لطلب العلم والمعرفة والتفكر والتدبر والتأمل، ولكن إن سمحتم لي، دعوني أنتقل بكم إلى جوهر ما تأثرت به من تجربتي، وما لها من آثار سلبية أكثر منها إيجابية، بتلك الحادثة البسيطة الراسخة في أذهان الجميع، حيث إن الله تعالى عندما أنزل الوحي على سيد المرسلين وخاتم النبيين، أمره بالقراءة، فكانت أول كلمة نزلت من القرآن الكريم هي "اقرأ"، ومن هنا، أبدأ معكم رحلة معاناتي، رحلتي من الشك إلى اليقين..

منذ أيام الدراسة الأولى، شهدت صفحات كتبي الدراسية ودفاتري على موهبة عظيمة أنعم الله بها علي، ولكن ذلك لم يكن شيئا أخص به نفسي، فمعظم بني جيلي قد حباهم الله ذات الموهبة، فكنا نتنافس فيما بيننا عن طريق استعراض مهارات القراءة والكتابة، التي تختلف في طريقتها من النصوص، إلى الأدب والشعر، والمقالات والتقارير، بل حتى استعراض مهارة كل واحد منا في كتابة الرسائل الشخصية، وقت أن كانت الهواتف المحمولة حديثة العهد بنا، حيث ما زلنا نعتمد اعتمادا أساسيا على الورقة والقلم، دون أن يلفت أحد انتباهنا إلى تلك المهارة والموهبة المتأصلة فينا ونحن لا نزال أطفالا في عمر الزهور، وكأن فطرتنا كانت تلبي نداء الطبيعة، دون الحاجة إلى من يلقنها ذلك، فكان الجميع يكتفي بالإنصات وإبداء الإعجاب بهؤلاء الصبية الذين كان لديهم من البراعة ما جعلهم من أشهر الطلاب وأميز الطلاب بين المراحل العمرية المختلفة، حتى أن ساحات الطابور الصباحي كانت شاهدة على إبداعنا أمام ميكروفون الإذاعة المدرسية، وكأنها أمسية أدبية يلتقي فيها خيرة الأدباء العظام، كيف لا وقد كان لمدرسينا الفضل الكبير في ذلك وقتها، وإني لأتذكر أهم ثلاثة منهم، الأول هو المعلم الجليل محمد أبو الريش، الفلسطيني الجنسية، والذي دائما ما كان يداعبني أمام الجميع بلقب "المذيع الصغير"، أما الثاني فهو المعلم الجليل عبد الرحمن مسلط، وهو فلسطيني أيضا، وقد كان له تأثيرا قويا في بداية التعاطي مع القواعد النحوية عن طريق المناظرات الطلابية التي يعقدها بيننا للحديث عن المدارس المختلفة في علوم النحو كمدرسة سيبويه، أما الثالث، فكان له الأثر الأقوى، وقبل عرض ذلك، دعوني لا أغفل ذكر اسمه، فهو معلمي القدير وليد الزيد، السعودي الجنسية، والذي زرع فينا اتجاها جديدا باستخدام اللغة العربية، فعلى مستوى المنهج الدراسي، كان يميل إلى الموضوعات المتعلقة بالشعر والأدب، وكيف أننا عشقناها من خلال طريقته الشيقة في العرض والسرد، أما على الجانب الآخر، فكانت حصته لا تخلو من المناقشات في كافة المواضيع، السياسية والاقتصادية والرياضية والفنية، حتى أنه كان يعمد إلى تكليف كل طالب منا بعمل بحث عن إحدى الشخصيات التي يختارها هو، ثم نقوم بمناقشتها أمام جميع الطلاب، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن هؤلاء الصبية مكلفون بالبحث عن شخصيات مثل ابن خِلِّكان، وأبي العتاهية، وديك الجن، وديستوفسكي، وإني لأحمد الله أن شخصية توليستوي صاحب رواية الحرب والسلام كانت من نصيبي، لا لكثرة معلوماتي عنها، ولكن لسهولة البحث عن شخصية يبدو اسمها مألوفا لدي بعض الشيء، ولعل أكثر الأسماء المطروحة للبحث حداثة، هو الشاعر السوداني الهادي آدم، صاحب قصيدة "أغدا ألقاك"، التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم. على إثر ذلك فقد ساهم هذا المعلم -وليد الزيد- بشكل قوي وفاعل في الارتقاء بالمستوى الفكري والثقافي والأدبي لأطفال لم تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاما بشكل ملحوظ، إلا أن بداية الخيبة بالنسبة لي كانت منذ أن أصبحت في المرحلة الثانوية، ومنها إلى مرحلة الجامعة، فمنذ ذلك الحين، تلاشت تماما كل القدرات والمهارات في الكتابة والقراءة، وأصبحت مختزلة وقاصرة على مجرد معلومات يتم تفريغها على ورقة الامتحان، ومن هنا، انتهت علاقتي تماما بالقراءة والكتابة، فما كان مني إلا أن أصبحت شخصا عاديا تقليديا، ذا أفكار رتيبة مضطربة لا أساس لها، ولا أتحمل حتى عناء البحث عن صحتها من عدمها، كيف لا وقد أهملت أهم مصدر من مصادر المعرفة وهو القراءة، لتقتصر معرفتي على موروثات الأهل، والعادات والتقاليد المليئة بأفكار مشوهة، والتسليم بها لمجرد أنها نقلت إلي من أناس لهم مني كل التعظيم والإجلال، فهم أهلي، ولكنهم بطريقتهم الكهنوتية، جعلوا مني شخصا لا يفكر، لا يستخدم عقله، وطبعا هم لم يقصدوا ذلك قط، ولكن، هكذا تربوا، وهكذا ربوا، وهنا أقع في الإثم الكبير الذي اقترفته في حق نفسي أنا أيضا، فمادمت شخصا بالغا مكلفا عاقلا له عقل، أصبح واجبا علي أن أقرأ وأبحث، لاهثا خلف المعرفة بكل وسائلها، فهي سر التقدم والقوة، نعم، القوة تكمن في العقل، والعقل لن يكون قويا إلا بالمعرفة، والمعرفة لن تأتي إلا بالقراءة، فقد أخطأت في حق نفسي حينما كنت أشدو بتلك الجملة البغيضة: "القراءة عدوي اللدود"، فحق علي القول المأثور: "على نفسها جنت براقش"، حقا لقد أجهزت على نفسي حين استسلمت لتلك الجملة، فتركت نفسي تائها في غياهب الدنيا، لكن المعجزة الإلهية -من وجهة نظري- لم تشأ أن تتركني هكذا، عاجزا عن سبر أغوار العلم والمعرفة، فكان لإحدى الشخصيات العزيزة على قلبي كل الفضل في ذلك، عن طريق فك طلاسم الأمور الجدلية بالنسبة لي، لتكون هذه المرحلة هي نقطة البداية لعهد جديد، بدأته متأخرا نوعا ما، ولكننا لا يجب أن نستسلم لتلك المحبطات، فنحن مطالبون بطلب العلم من المهد إلى اللحد.

عزيزي القارئ، اقرأ، ثم اقرأ، ثم اقرأ، ولا تبخل على نفسك بالمعرفة، اخترق المجهول، فكر واستخدم عقلك، لا تجعل معرفتك قاصرة على التلقين والنقل، فالعقل يثبت النقل، ولا تخف من الخطأ، بل إن عليك أن تخطئ، فبدون الخطأ لن تستطيع أن ترشد نفسك إلى الصواب، فبعد كل ظلمة لابد من وجود النور، والعلم هو النور، والجهل ديجور.


٢٥ أكتوبر ٢٠١٥