أحمد الشرقاوي
الاثنين، 24 يوليو 2017
الرعية.. جناة أم ضحية؟!
الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016
{ذات الآيتين}
ما عرفت الشعر يوما
وفي رحابها تفجرت أشعاري
قلت سبحان من أبدع خلقا
كالشمس تشرق في نهاري
وفي ليلي تكون نجما
بل سيدة كل أقماري
حاضرة هي في كل وقت
وفي حلي وأسفاري
ظمآن من لم يذق يوما
الشهد من نبعها الساري
كالنسيم إن حلت بطيفها
وإن ضحكت فأغاريد كناري
لجمال الروح هي آية
وحسنها آية في أنظاري
فسلام على ذات الآيتين
هي في عقلي وقلبي وأغواري
#شرقاويات
#بقلمي
الأربعاء، 6 أبريل 2016
أخبروا ذاك المغامر
أخبروا ذاك المغامر بأنني...
لست أهوى رجلا عاديا
لست أرغب حبيبا تقليديا
أريد ساحرا
يفك طلاسمي ورموزي
فارسا
يعرف كيف يروض أنوثتي
عاشقا
يعرف كيف يدللني
ويداعب طفولتي
ويصيب بسهامه قلبي
ويراودني عن نفسي
يعرف كيف يتملكني
ويسبر أغواري
ويرحل بين ثنايا جسدي
راهبا
يزهد الدنيا في حبي
ناسكا
يكون محرابي وقِبلتي
ويبتهل تضرعا في وصلي
فأخبروا ذاك المغامر
أن طيفه يسبقه إليَّ
وعليه اجتياز الموانع
ليظفر بي...
الثلاثاء، 5 أبريل 2016
لا تتعجلي
لا تتعجلي..
أعلم أن الشوق نال منك في انتظاري..
أعلم أن الشبق بلغ مبلغه في انتظاري..
أعلم أن حرارتك هزمت برد الشتاء في انتظاري..
أعلم أنك الآن جالسة..
تداعبين شعرك في ملل..
تتفقدين جسدا قد من سحر،
بنار الشوق قد اشتعل..
ترقبين الوقت على عجل..
ولكن، لا تتعجلي..
لن أدع رائحة عطرك تنجلي..
حتما سآتي..
فالليلة ليلتكِ..
سنذوب بين رعشتي ورعشتكِ..
وأصب بحور شوقي فأطفئ لهيب شوقك..
وتنجلي حرارتك..
فلا تتعجلي..
الصورة بريشة الفنان المصري المبدع وليد عبيد.
صفحة الفنان وليد عبيد على الفيسبوك:
https://mobile.facebook.com/Artist-Walid-Ebeid-%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%AF-151606964872120/?ref=bookmarks
الأحد، 27 مارس 2016
أعلنت عليكِ العشق
أصبحت متقنا فن المبارزة
وسوف أكون لكِ ندًّا
فقد أعلنت عليكِ العشق
كلمة بكلمة
نظرة بنظرة
عناق بعناق
قبلة بقبلة
نشوة بنشوة
والبادئ أجرأ!
#شرقاويات
الاثنين، 25 يناير 2016
فَعِظوهُنَّ وَاهْجُروهُنَّ في الْمَضاجِعِ وَاضْرِبوهُنَّ
هناك الكثير من الأمور والإشكاليات الجدلية التي لا نخوض فيها، ولا نحاول البحث عن حقيقتها وبيان معناها وأسبابها وعلاتها، خشية الوقوع في بعض المخالفات؛ نتيجة لالتباس الأمر علينا، وهو ما أعتبره نتيجة للفهم القاصر والمعرفة السطحية بتلك الأمور، ما يجعلنا مضطرين للرجوع لآراء العلماء في تلك الأمور كونهم أعلم منا بشكل مطلق، وهو ما ينافي الأوامر الإلهية بضرورة التفكير والتدبر والتأمل وإعمال العقل، ففهم الدين ليس حكرا على أحد، ولا يحق لأحد أن يزعم لنفسه قدرة منفصلة في فهم نصوص الدين وتأويلها، بحيث يكون مرجعا لعامة البشر بحجة فهمهم القاصر، كلا ثم كلا، فالقرآن الكريم عندما أنزل، تُرك تفسيره -اجتهادا- لبشر مثلنا، وما يميزهم فقط هو أنهم بحثوا في الأمور المختلفة وبذلوا جهدا كبيرا لا يحق لأحد أن ينكره عليهم، في حين أننا أصبحنا لا نعتمد على عقولنا التي لم يخلقها الله لنا هباء، ولذلك أصبحنا دائما نعتمد على التلقين، وعلى من نظن أنهم أعلم منا نتيجة للابتعاد عن القراءة والعلم والمعرفة، حتى وإن كانت متعلقة بالأمور الفقهية، وطالما أن القائم بهذا العمل بشر، فهو يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ، والنقاش فيه لا يُخرج من الملة كما يدعي البعض، فلا قدسية إلا لله تعالى، والعصمة لا تكون إلا لنبي، أما الباقون فهم بشر مثلنا، يصيبون ويخطئون، ومثلما قاموا هم بالتفكير والتعلم والبحث، نحن أيضا مطالبون بذلك، مطالبون باستخدام العقل لا النقل، فالعقل يثبت النقل وليس العكس. أعتذر لكم عن هذه المقدمة الطويلة، فصحيح أنها ليست محور حديثي، ولكني أراها ضرورية للتمهيد إلى ما أود طرحه عليكم، تاركا لكم المجال للتحقق من صحة ما أقول، حيث أطالبكم بعدم الاعتماد عليه اعتمادا مطلقا والتسليم به، بل هو مطروح لتفكروا فيه جيدا قبل تقبله أو رفضه.
إن النصوص القرآنية، لا يجب أن تنتزع من أبعادها المختلفة، اللغوية والزمنية والتاريخية...، وأسباب نزولها، وعلاتها، فيما عدا الأوامر الصريحة التي لا تحتمل معنى آخر غير التي جاءت به، وسأضرب لكم بعض الأمثلة على ذلك:
"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا" (النساء 23).
"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(5)". (المائدة 3، 4، 5)
"...وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا..." (البقرة 276)
"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ". (آل عمران 103)
"فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا". (النساء 103)
كل تلك الأمثلة السابقة –على سبيل المثال لا الحصر- لا يُعتقد أن فيها أي التباس، ولا يصعب على قارئ القرآن الكريم أن يفهم المقصود منها، فقد نزلت واضحة وصريحة ومباشرة، لا تورية فيها، وهنا، يأتي دور اللغة العربية في القرآن، فالقرآن الكريم كتاب معجز، معجز في تشبيهاته ولغته وبلاغته، فلا يصح أن تؤخذ كلماته بمعنىً حرفي فقط دون الرجوع إلى قواميس اللغة العربية، للبحث عن الكلمة ومشتقاتها ومعانيها المختلفة، حتى نصل إلى المعنى المراد من خلال سياق الآيات الكريمة، بما لا يتعارض أبدا مع العقل والمنطق، اللذين أمرنا الله تعالى أن نستخدمهما في أكثر من موضع في القرآن الكريم، "أفلا يتدبرون"، "أفلا تتفكرون"... إلخ.
مما سبق، نأتي مباشرة إلى الموضوع المنشود، وهو ما يتعلق بالآية الرابعة والثلاثين من سورة النساء، يقول الله عز وجل: "وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا". (النساء 34).
معظم الأئمة والعلماء والمختصين بعلم التفسير، قد اجتهدوا كثيرا ليصلوا إلى أن معنى الضرب هنا هو الضرب غير المبرح، وبعضهم يقول إنه الضرب بالسواك، وقد جاء ذلك في صحيح مسلم، وعند ابن كثير، وأبي داوود، والحسن البصري، والنسائي، والطبري، وغيرهم من علماء المذهب السني، وأيضا عند بعض علماء وأئمة المذهب الشيعي، فقد جاء تفسيرهم ليتفق مع هذا التفسير، كالإمام الصَّنْعانيّ، ولكن، أرجو أن يتسمع صدركم لتقبل هذه الفكرة المختلفة بعض الشيء، أنهم ربما قد أغفلوا البعد اللغوي لمعنى كلمة الضرب، فالكلمات والمصطلحات عند العرب وقت أن نزل القرآن ليتحداهم بلغتهم، لم تكن قاصرة على معانٍ حرفية فقط، وإنما قد يحتمل مصطلح واحد أو كلمة واحدة أكثر من معنى، ولكن اسمحوا لي قبل سرد ذلك أن أذكركم أن الله تعالى هو الرحمن، والرحيم، واللطيف، والرؤوف، وهذه مجرد تذكرة سأستغلها لأربط بينها وبين ما سبق، وبين ما سيأتي لاحقا، واستنادا إلى رحمة الله تعالى، فقد قال عز وجل في كتابه الكريم: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ". (الروم 21).
من ذلك نجد أن الضرب بمعناه الذي يعني التعرض الجسدي، يتعارض مع منطق المودة والرحمة بين الزوجين، وهذا تؤكده سلوكيات الأزواج في هذه الأيام، والتي تتنافى تماما مع ما سبق، حيث نرى أنهم يصلون إلى حد الركل والجلد لزوجاتهن، متخذين من كلمة "واضربوهن" حجة لهم، لكن الأمر غير ذلك تماما، سواءٌ بالمقارنة مع تفسير العلماء بأنه الضرب غير المبرح، أو مع ما يلي، وهو معنى كلمة الضرب ومشتقاتها في اللغة، بالمقارنة مع مواضع ورودها في القرآن الكريم. وردت كلمة ضرب في أكثر من خمسين موضعا في القرآن الكريم، نستعرض بعضها ليسهل علينا بعذ ذلك بيان معنى الضرب في الآية موضوع الحديث:
"لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ". (الحشر 21).
"وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا". (الكهف 45).
في الآيتين السابقتين، نجد أن كلمة الضرب قد جاءت بمعنى ذكر الأمثال أو الأمثلة، وأعتقد أن هذا الأمر واضح.
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا". (النساء 101). في هذه الآية، جاءت كلمة الضرب بمعنى السفر.
"ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ". (آل عمران 112). وهنا، جاءت كلمة الضرب بمعنى الاقتراب والإلصاق، ضربت عليهم الذلة، أي أُلصقت بهم الذلة وأصبحوا ذليلين.
"... وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ...". (النور 31). في هذا الموضع، جاءت كلمة الضرب بمعنى وضع حاجز، أو الستر، أي ستر وحجب وتغطية منطقة الجيب عند المرأة، وهي منطقة التقاء النهدين (الثديين).
"...فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا...". (الكهف 11). والمعنى هنا هو عدم قدرتهم على السمع.
"يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ". (الحديد 13)
"فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ". (الشعراء 63).
وفي الآتين السابقتين، معنى الضرب هو المباعدة، أي إبعاد شيء عن شيء آخر.
"أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ". (الرعد 17). وهنا جاءت كلمة الضرب بمعنى الفصل والتفريق، أي الفصل بين الحق والباطل والمباعدة بينهما.
هذه بعض الأمثلة التي ذكرت على سبيل المثال لا الحصر، لبيان المعاني المختلفة لكلمة الضرب ومشتقاتها، وكيف أن الكلمة يختلف معناها باختلاف سياق استخدامها، وهذا الأمر خاص بالقرآن الكريم المعجز في لغته وبلاغته، وعليه، فدعونا الآن نأتي إلى آيتنا التي نحن بصددها، وقبل شرح كلمة الضرب في "واضربوهن"، دعوني أستنتج شيئا مما قبل الضرب، أستخلصه من "واهجروهن في المضاجع"، فالهجر في المضاجع يكون بالامتناع عن الزوجة داخل المسكن، بما يسوقني لأن أستنتج أن هناك امتناع خارج المسكن، ليكون هذا هو المعنى في كلمة "واضربوهن"، والتي جاءت بمعنى الإعراض أو الابتعاد والمفارقة، وليس التعرض الجسدي لها، وهذا الأمر قد يكون الأقرب للمودة والرحمة في العلاقة الزوجية، والأقرب للعقل والمنطق في أن الله تعالى لا يرضيه أبدا تعرض الأزواج لزوجاتهم جسديا من خلال الضرب، وإن كان هذا هو المقصود، فلماذا لم تُذكر كيفية الضرب؟ وهنا لا يسعني إلا أن أقول بأن الله تعالى لا يقصد أبدا أن يضعنا في حيرة من أمرنا، فقد أنزل القرآن يسيرا لنفهمه ونتدبر معانيه، وهذا الأمر ليس قاصرا على الفقهاء فقط، وإنما للعامة أيضا، قال تعالى: " وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ". (القمر 17، 22،32، 40)، وهنا نجد أن هذه الآية قد وردت في أربعة مواضع، للتأكيد على أهمية -بل وضرورة- التدبر في القرآن وفهم معانيه العميقة فهما صحيحا مجردا من الأهواء. وفيما يتعلق بالسؤال السابق عن سبب عدم ذكر كيفية الضرب إن كان المقصود به الضرب الجسدي، فإن البعض قد يتمسك -كما أسلفت- بأنه الضرب غير المبرح، إلا أن تفاوت القوة الجسدية والعضلية بين الرجل والمرأة، تجعل هذا الأمر نسبيا، يضع احتمالات لوقوع أذى جسدي للمرأة، في الوقت الذي يظن الرجل أنه لم يَقْسُ عليها بضربه لها، وفي المقابل، دعوني أسأل سؤالا مشروعا، ترى ماذا تفعل الزوجة إذا أغضبها زوجها؟ أتضربه هي أيضا؟ في اعتقادي أن الأمر هنا يتحول إلى معركة، البقاء فيها للأقوى، وهو ما يتعارض مع قوله عز وجل: "...وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...". ( النساء 19).
حتى لا يظل الأمر في نطاق القرآن الكريم فقط، لبعض الذين لا يحبون الفصل بينه وبين الحديث، فدعونا ننتقل الآن إلى الأحاديث، فإنه وعلى الرغم من ورود بعض الأحاديث التي رأيتها بنفسي، مؤكدا على عدم معرفتي بعلم الحديث ومدى صحتها من عدم صحتها، والتي يُذكَر فيها -حسب ناقل الحديث- قيام الرسول عليه الصلاة والسلام بذكر الضرب الغير مبرح لفظا، إلا أن هناك أحاديث أخرى لا أدري لماذا أغفلها البعض، وآثر جانبا دون الآخر، وكأنهم استحسنوا مسألة ضرب المرأة جسديا، ولكن، دعوني أسرد لكم بعض تلك الأحاديث:
"عن عبد الله بن زمعة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم. رواه البخاري"، "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلُقا رضي منها آخر. رواه أبو مسلم"، وفي تفسير الحديث السابق فقد قال الحافظ النووي رحمه الله: أي أنه لا ينبغي أن يبغضها لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة وجميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك... شرح صحيح مسلم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا. رواه البخاري ومسلم".
هذه الأحاديث وغيرها، تعد مثالا لحسن معاملة الأزواج لزوجاتهم، واستقباح التعرض لهن جسديا بالأذى وإن كان ضربا غير مبرح كما ورد في بعض التفسيرات كما أسلفت، أما من أراد أن أن يصفع زوجته ويلطمها ويضربها جسديا، فعليه وحده أن يتحمل مسؤولية ذلك وتبعاته، فالأمر هنا يتعلق بردة فعل الزوجة، أو أهلها، أو عشيرتها، أو كيفما كان العُرف المتبع وفقا لكل بيئة وقوانينها، فعلى الأقل، أستقبح هذا بشكل شخصي، وأستنكر على نفسي أن أقوم بذلك.
في النهاية، دعوني أذكركم بأن هذه المسألة تعد من الأمور الجدلية، وأن هذا النص، وغيره من النصوص المتعلقة بتفسيرات تتفق وتختلف مع ما كتبت، كلها تحتمل الصواب، وتحتمل الخطأ، فليس هناك صواب مطلق ولو كان لأعتى المتفقهين العالِمين، وليس هناك خطأ مطلق ولو كان لأجهل الجاهلين، فالأول قد يخطئ ولو مرة، والثاني قد يصيب ولو مرة، ولكن فقط قوموا بالبحث، ولا تعتمدوا على التلقين، ولا تقوموا باجتثاث الأمور من أبعادها ومضامينها وعلاتها المختلفة، وقارنوا بين هذا وذاك، واستخدموا عقولكم، بالاتساق مع الفطرة السليمة التي خلقنا الله سبحانه وتعالى عليها، ولا تأخذوا عني دون بحث، فلعلي أكون مخطئا، وأحسب نفسي على صواب إن شاء الله، سائلا الله عز وجل أن يجعل لنا من أمرنا رشدا. رزقني الله وإياكم الزوجة الصالحة. وبالتجرد من كل ما ذُكر، أختم حديثي إليكم بنصيحة أنصح بها نفسي أولا: أحسنوا معاملة أزواجكم، وحاذروا ضربهن وإيذاءهن، فلا معنى للحياة بدونهن، وتذكروا أن الله تعالى من أسمائه العدل، والعدل لا يكون بالتمييز ضد المرأة، وما فيه من امتهان لها.
٢٨ أكتوبر ٢٠١٥
____________________________________
نشر هذا المقال في موقع "ورقة"، بتاريخ ٢٤ يناير ٢٠١٦.
رابط المقال: http://www.war2h.com/2016/01/236.html?m=1